مجلس النواب الأمريكي يقر مشروع قانون ترامب التاريخي

مقدمة: تشريع يهز المشهد السياسي الأمريكي
أقر مجلس النواب الأمريكي، الخميس 22 مايو 2025، مشروع قانون شامل قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحت عنوان “مشروع قانون واحد كبير وجميل”، والذي يهدف إلى إعادة تشكيل السياسات الضريبية والحدودية والدفاعية للولايات المتحدة. جاء التصويت بنتيجة ضيقة للغاية (215 مؤيدًا مقابل 214 معارضًا)، بعد مفاوضات ماراثونية قادها رئيس المجلس مايك جونسون لتوحيد الصف الجمهوري. ويُعتبر هذا التشريع أحد أكثر القوانين إثارة للجدل في تاريخ الكونغرس الحديث، حيث يمس قطاعات حيوية مثل الضرائب والهجرة والإنفاق العسكري، مع تمديد سقف الدين الفيدرالي بمقدار 4 تريليونات دولار.

تفاصيل التشريع: ماذا يشمل القانون الجديد؟
1. خفض الضرائب: تمديد إرث ترامب الضريبي
يمتد القانون ليُجدد التخفيضات الضريبية التي أقرها ترامب خلال ولايته الأولى عام 2017، مع إدخال تعديلات جذرية، منها:
- إلغاء الضرائب على الإكراميات والعمل الإضافي لتحفيز العمالة في قطاعات الخدمات.
- تقليل الضرائب على الشركات الصغيرة من 21% إلى 15%.
- إلغاء الحوافز الضريبية للطاقة الخضراء، مثل تلك الممنوحة لشركات السيارات الكهربائية أو مشاريع الطاقة الشمسية.
2. ضبط الحدود: أولوية قصوى للجمهوريين
يشدد القانون على سياسات الهجرة الصارمة التي طالما نادي بها ترامب، عبر:
- زيادة تمويل عمليات الترحيل بميزانية إضافية قدرها 8 مليارات دولار.
- توسيع بناء الجدار الحدودي مع المكسيك، مع تخصيص 5 مليارات دولار لإكمال أجزائه المتبقية.
- تشديد العقوبات على المدن الملاذية (Sanctuary Cities) التي ترفض التعاون مع سلطات الهجرة.
3. تعزيز الدفاع الوطني: ميزانية قياسية
يحصل البنتاغون على زيادة في التمويل تصل إلى 10%، مع توجيه موارد إضافية لـ:
- تحديث الأسلحة النووية وتطوير أنظمة دفاع صاروخي متطورة.
- تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في آسيا لمواجهة النفوذ الصيني.
4. إصلاح البرامج الحكومية ورفع سقف الدين
- خفض الإنفاق على برامج الرعاية الاجتماعية مثل Medicaid وSNAP بنسبة 7%.
- رفع سقف الدين الفيدرالي إلى 4 تريليونات دولار لتجنب التخلف عن السداد.
التصويت: معركة كسب الأصوات والانقسامات الداخلية
على الرغم من سيطرة الحزب الجمهوري على مجلس النواب، لم يكن تمرير القانون سهلاً. كشفت تصويتات الخميس عن انقسامات داخلية، حيث:
- 218 جمهوريًّا فقط صوتوا لصالح القانون (215 مؤيدًا، 1 حاضرًا، و2 معارضين).
- جميع الأعضاء الديمقراطيين (214 نائبًا) عارضوا التشريع، معتبرين أنه “يفيد الأثرياء على حساب الطبقة الوسطى”.
- أعلن النائب الجمهوري آلان ويست، أحد المعارضين، أن القانون “يُهدد المكاسب البيئية ويعمق الفجوة الطبقية”.
وعلق رئيس المجلس مايك جونسون على النتيجة قائلًا:
“هذا انتصار للشعب الأمريكي الذي طالب بإصلاحات جريئة. القانون سيعيد الولايات المتحدة إلى مسار القوة والازدهار”.
ردود الفعل: ترحيب من ترامب وغضب ديمقراطي
1. ترامب: “أعظم إنجاز في التاريخ”
هنأ الرئيس ترامب النواب الجمهوريين عبر منصته “تروث سوشال”، واصفًا التشريع بأنه “أهم قانون سيُوقَّع في تاريخ أمريكا”، ومشيدًا بدور مايك جونسون في قيادة المفاوضات. وأضاف:
“الآن على مجلس الشيوخ أن يتحرك بسرعة لإرسال القانون إلى مكتبي. لا وقت للتردد!”.
2. الديمقراطيون: “تشريع كارثي”
هاجم زعيم الأقلية الديمقراطية في المجلس هاكيم جيفريز القانون، قائلًا:
“هذا التشريع يسرق من الفقراء ليعطي الأغنياء. خفض ضرائب الشركات سيدمر الاقتصاد، وإلغاء الحوافز الخضراء سيعيدنا لعصر الفحم”.
3. تحليلات اقتصادية: مخاوف من عجز أكبر
حذر خبراء اقتصاد من أن رفع سقف الدين دون خطة واضحة لخفض الإنفاق قد يؤدي إلى:
- تضخم متصاعد بسبب ضخ سيولة جديدة في السوق.
- تراجع تصنيف الولايات المتحدة الائتماني إذا فشلت في إدارة الدين.
الخطوة التالية: معركة مجلس الشيوخ
ينتقل التشريع الآن إلى مجلس الشيوخ، حيث يواجه تحديات أكبر بسبب الأغلبية الضيقة للحزب الجمهوري (51 مقعدًا مقابل 49 للديمقراطيين). يحتاج القانون إلى 60 صوتًا لتجاوز العقبة الإجرائية المعروفة باسم “الفيليبستر”، مما يدفق الجمهوريين إلى:
- إجراء مفاوضات مع ديمقراطيين معتدلين مثل جو مانشين.
- تعديل بنود القانون لتقليل الاحتجاجات، خاصة فيما يتعلق بالإنفاق الاجتماعي.
الخلاصة: تشريع يُعيد تعريف أولويات أمريكا
يُمثل إقرار هذا القانون نقطة تحول في السياسة الأمريكية، حيث يعكس سعي ترامب لترسيخ إرثه كرئيس “محطم للأعراف”. لكن المخاطر لا تخلو من الفرص: فبينما قد يُعزز النمو الاقتصادي قصير المدى عبر الخفض الضريبي، فإن إلغاء الحوافز الخضراء وزيادة الدين قد يضعان الولايات المتحدة في مواجهة أزمات مستقبلية. كل الأنظار تتجه الآن إلى مجلس الشيوخ، حيث ستُحدد معركة التصويت مصير هذا التشريع المثير للجدل.